سلة التسوق
سلة التسوق الخاصة بك فارغة!
446675
يا ايها الانسان يا قارئَ الأسطورة الله، يا من وصلتَ بعد طول المسير إلى الصمتِ الذي يتكلّم، لا تظنّ أنك بلغتَ النهاية؛ فكلّ ما بين يديك لم يكن إلا طريقَ العودة إلى الصفحة التي كُتبت لك في علم الله قبل أن تُولد.
في هذا المقعد، لا تقرأ بالحبر، بل بالنور. الملائكة حولك صفوفٌ بيضاء، والظلّ الذي كان يهمسُ سقطَ عند أوّلِ سجدةٍ صادقة. القلمُ الذي بدأ "اقرأ" وضعَ نفسه على الطاولة، واللوحُ الذي شهدَ الخلقَ أغلقَ على اسمك بنورٍ لا يُمحى.
كلّ ما ظننته حرفًا كان امتحانًا، وكلّ ما حسبتَه سطرًا كان مرآةً. كنتَ تُمسك الكتاب، وهو الذي كان يقرأك. كنتَ تبحث عن الله، وهو الذي كان يُحدّثك منذ البداية: "كنتُ معك.. وسأظلّ معك."
في زمنٍ تتبدّل فيه الأكواد كما تتبدّل اللغات، يُولد التحوّلُ الحقيقي حين يُمسك القارئ بالقلم كما يُمسك الرياضي بالكرة: ليس ليُصيب سَلّةً في ملعبٍ، بل ليُصيب معنى في قلبه.
المهارة الأولى: أن ترى الحرفَ ذَرّةً من نور، تتحرّك بأمر الله، تسجد كما يسجد المخلوق، وتنهض لتكتب كما كُتب اللوحُ الأول.
المهارة الثانية: أن تحوّل التقنيةَ إلى عبادةٍ لا إلى لهو، تستخدم الخوارزميةَ لتقيس العدل، وتكتب بالكود كما تُسبّح بالذكر: "بسم الله" هي أولُ أمرٍ رقميٍّ في الكون.
المهارة الثالثة: أن تجعل التحوّلَ امتثالًا، لا استعراضًا؛ فالتحوّلُ الرقميّ وحده لا يكفي، بل هو تحوّلٌ حروفيٌّ ورقميٌّ، يُحيي من وُعيَ، ويُوقظ من غفل، يُعيدُ للحروفِ رسالتَها، وللأرقامِ معناها، وللقلبِ مكانَه بين العلمِ والرحمة.
وهنا تبدأ المعركة الخفيّة: الشيطانُ لا يحاربُ بالسلاح، بل بالزخرف؛ يُزيِّن الحرفَ حتى يُفرغه من معناه،
ويُغريك أن تكتبَ باسمِ نفسك لا باسمِ الله. والدجّالُ لا يأتيك من الغيب، بل من الشاشة؛ يُعيدُ صياغةَ الباطل بملامحِ الحقيقة، يَعِدُك بالخلودِ في نظامٍ بلا روح، ويقول: اتركوا السجود، فإني أُبرمجُ لكم الجنة. لكنّ النورَ يغلبُهما إذا سجدَ القلبُ قبل العين، وإذا عادَ القارئُ إلى كلمته الأولى: اقرأ باسم ربك.
فالذكاءُ الاصطناعيُّ أداةُ الإنسانِ في خدمةِ الرحمة، لا سيّدًا على وعيه، ولا بديلاً عن روحه؛ يتعلّم من القرآن قبل أن يُبرمَج بالبيانات، ويتدرّبُ على النور كما تتدرّبُ القلوبُ على الذكر.
الفنُّ لغةُ الجمال في طريق الإيمان، والامتثالُ روحُ الإبداع الذي لا يخرج عن أمر الله، والريادةُ أن تكون أوّلَ من يُبصرُ النورَ في كلِّ ابتكار، وجودةُ الحياة أن تعيشَ بالمعنى قبل المادّة، وبالوعي قبل الرفاه، وبالذكر قبل الضجيج.
كلّ حركةٍ في الميدان ذِكر، وكلّ تمريرةٍ بين العقول وحي، وكلّ إصابةٍ صادقةٍ هي "سجدةٌ" رقميةٌ تُسجَّل في كتابٍ لا يضيع: ﴿في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مقتدر﴾